لفته عبد النبي الخزرجي
مدينة سوق الشيوخ سيمفونية تعزفها أوتار الوطن الجريح ، وكأس فاضت على ضفاف العبقرية ، وطائر حب يغرد في أغصان نخلة جنوبية ، وتأملات في طبيعة أطلال أور ، وإغفاءة مناضل يجتر جمرة الهم ، وصدى ذكريات شاعر مثالي يعيش حلما في بستان الذكرى مع الطيف الآفل ، وبغداد ليست بعيدة عن المجد المفقود ، وعيد المرأة منار في موكب الربيع ، وأغنيات ليالي الصيف ، مرفأ للصحو والحلم المغامر ، والمتنبئ ، لهيب الشاعر في ليلة مجنونة ، والشتاء طائر حب في روضة الشعر .. هذا هو شاعر سوق الشيوخ ، رياض العلوان ، وهذه قصائده التي ضمها ديوانه ( معازف الرياض ) 0
معازف الرياض ، مجموعة قصائد تزيد على خمسين قصيدة ، يغلب عليها الشعر العمودي الملتزم بالعروض الشعري والقافية الموحدة ، يضمها ديوان الشاعر رياض العلوان ، والصادر عن "الرافد للمطبوعات – بغداد "0
نقرا في الإهداء ، " إلى حقول أجلت جفافها ، محتفلة بطلع لم يمت ، على جذوع انتظاره " 0 هذه بداية واعدة ومشروع أمل يغرز نبته على ضفاف أحلامنا 0
الشاعر رياض جهاد العلوان ، مواليد سوق الشيوخ ، هذه المدينة التي نستعيد من خلالها ذاكرة الشعر بأنواعه ، الشعبي والقريض ، وهو شاعر متألق ، وقد قرأنا له الكثير من القصائد الواعدة في الصحافة المحلية والمجلات العراقية والعربية ، لآن الشعر عند العلوان " رافد هام في بناء الثقافة الإنسانية " كما ان الشاعر "يعتبر العمل السياسي جزءا من ثقافة الشاعر والأديب " وبالتالي فان " الفراغ الفكري يجعل الإنسان يتخبط في كل الأهواء " 0
في رسالته إلى طيب الذكر ، أمير التشرد والكبرياء ، الشاعر حسين مردان ، والتي منحها عنوانا متفردا " الحلم المغامر ":
ماذا أفدت من رحيلك ؟
أيها الضارب في الآفاق تيها
أما شاخت عجلات أسفارك ؟
أما وهنت أرجل الرياح التي تقل مسارك ؟
الحوار مع حسين مردان ، يرتدي ثوبا منسوجا من ظلال حلم مغامر ، وما زالت جمرة الهم تمتطي هوج العواثر ، وتعود للسفه المغامر 0
الشاعر رياض العلوان ، يعمل خطاطا ورساما وفنانا في مدينته الجنوبية ، لكنه يعشق الفن والمعرفة والشعر والثقافة ، وقد أهداني ديوانه البكر "معازف الرياض"، ورغم انه باكورة نشاطه وإبداعه الشعري ، إلا أن الديوان يضم بين دفتيه صورا ملونة من الخيال الشعري المميز 0
وحيث أن سوق الشيوخ من القصبات العراقية التي تمتلك إرثا معرفيا عبر تاريخها الذي يمتد عميقا في جذر الحياة الثقافية العراقية ، فقد شهدت هذه المدينة التي تغفو على ضفاف نهر الفرات ، بروز العديد من الشعراء والفنانين والمهاويل والمطربين ورجال العلم والمعرفة ، وهي مدينة موشومة بلغة الشعر ، حيث تتحرك القوافي في منتدياتها وأزقتها ومقاهيها وأسواقها وساحات العمل فيها 0
ألجواهري ينشدنا خمرة النغم ، فهو يناجينا عذب الحديث وزهو الرأي والحكم ، انه يستطيل سارية للشعر في علياء الشموخ وفي ذروة القمم 0
الشاعر رياض العلوان ، يعتبر القصيدة كائنا أسطوريا جميلا ، والشعر رافدا هاما في بناء الثقافة الإنسانية ، "وللأدب الرفيع هنا خيول / ومضمار وأفلاك تميد "0
ديوان العلوان ، واحة خضراء ولوحة فنية زاخرة بالألوان ، وقصائده إكليل فرح وترانيم شوق وإطلالة شفق ، فأنت ترى سوق الشيوخ في مربد الشعر ، وترى القوافي تعوم في سواقي البساتين ، وتشهد الترانيم وهي تغفو حالمة في موكب الربيع ، وتأخذك مباهج السراب محلقة مع بحار الهوى ، وتشدك روضة الشعر بلون زهرها المعطار ، فتهيم مع طائر الشعر المحلق في مرافئ الصحو 0
في قصيدته "الشاعر المثالي " نقرأ هذا السلسبيل العذب :
حاولت أزجيك تكريما بألحاني
فراعني هاجس للدمع يغشاني
وهزني ذاهلا إعصار فاجعة
فرحت استنجد النجوى لأحزاني
لعلني استثير القلب قافية
فيستطيع وفاء منك وجداني
هذه المفردات المفعمة بهاجس الحزن والدموع وهول الفاجعة ، تغرق وتتيه فيها القوافي 0 وعندما يقف الشاعر أمام عاصمة الدنيا – بغداد – فانه لا يتمالك نفسه حبا وشوقا وترنيما :
بغداد يا كعبة للفن زاهرة
بزهوها كم تغنى العرب والعجم
أغنت مواهبك الدنيا وما برحت
منك القرائح في تسكابها ديم
وفي رسالته بعيد المرأة ، يزف التهاني مقرونة بموقف الإجلال لدور المرأة في صناعة الحياة :
برهنت أنك في الحياة
شريكة العيش الفريد
عينان يأتلق الحنان
وراء سحرهما المديد
ويدان ما عرفا الهدوء
وما استلذا في جمود
حينا يضمان الكتاب
وتارة مهد الوليد
في الديوان اهداءات لمناضلين وشعراء وأدباء :
1 ) قصيدة الذهب المصفى ، مهداة إلى الحزب الشيوعي العرقي في عيد ميلاده الاغر0
2 ) قصيدة صدى الذكرى ، مهداة إلى ثورة 14 تموز في ذكراها الثامنة والاربعين0
3 ) قصيدة الشاعر المثالي ، مهداة إلى روح الشاعر الرائد الشيخ جميل حيدر 0
4) قصيدة الشريد ، إلى من تقاذفته الطرقات الشاعر الراحل عبد الأمير الحصيري0
5 ) قصيدة ترانيم الشهادة : إلى شهيد الثقافة والوطن كامل شياع 0
6 ) قصيدة طائر الحب : إلى الصديق فاقد الحمداني لإصداره مجموعته القصصية "ما كان وراء السديم " 0
7) قصيدة الحلم المغامر : مهداة إلى أمير التشرد والكبرياء حسين مردان 0
8) قصيد أنا حليم : لمناسبة تكريم الشاعر الكبير الحاج سالم الحسون 0
9 ) قصيدة لقاء الأحبة : احتفاء بالشاعرة المغتربة بلقيس حميد السنيد 0
10) قصيدة المجد المفقود : مهداة الى الشهيد خالد الأمين 0
11) قصيدة إغفاءة مناضل :الى الشهيد محمد جواد سهر " أبو صدى " 0
12) قصيدة كأس الشاعر : الى روح الشاعر والرسام قيس لفته مراد 0
13) قصيدة الطيف الآفل : الى روح الشاعر والإعلامي فرقد الحسيني 0
14) قصيدة بحار الهوى : للترحيب بالشاعر شوقي عبد الأمير 0
15) قصيد سلاما يا حليم : مهداة إلى الأديب والإعلامي المتألق السيد عبد الحليم ألحصيني 0
16) قصيدة تحية الحرف المناضل : لمناسبة اليوبيل الذهبي لتأسيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق 0
وفي قصيدته " الذهب المصفى " والتي أهداها إلى الحزب الشيوعي العراقي في عيد ميلاده الأغر ، نقرأ :
كل المكارم تنتمي
لعلاك يا ذهبا مصفى
بوركت من حزب يفيض
سماحـــــة ويشع لطفا
من للعراق حمى سواك
إذا ادلهم الخطب عصفا
قلبي بعيدك منشد
ولك التهاني الغر زفا
ما زال غرسك فيه غضا
ما ذوى يوما وجفا
أما قصيدته التي كتبها للراحل " كامل شياع " شهيد الوطن والثقافة والحزب ، فنقرأ فيها :
تساميت كبرا على الفرقد
فما أنت إلا صلاة الغد
وما أنت إلا نقاء الضمير
تأرج في ثوبك ألعسجدي
وهبت " لحزبك" زهو الشباب
تنور من فكره المرشد
دعاك إليه فكنت المجيب
نداء الجواد إلى الأجود
سلام عليك شهيد النضال
وبوركت من واهب مفتدي
