728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    الأربعاء، 16 مارس 2016

    سبل النجاة من الفتن !!


    يقلم : مجدى سليمان

    إننا نعيش في زمن كثرت فيه الفتن وعمت الناس البلايا والمحن جهل بالدين واستحلال للحرمات وسفك للدماء وتسلط المنافقين والكفار، واحتلال البلدان ونهب الثروات ومحاربة الإسلام وإثارة النعرات الجاهلية وتكريس الفرقة والتناحر والاقتتال مع ما يصحب ذلك من الظلم الفادح وانعدام الأمن وانتشار الفقر والخوف والجوع والأمراض والأوبئة التي لم يكن للبشر بها عهد ولا وجود سبب ذلك كله هو بعدنا عن الله ونسياننا له وارتكاب الموبقات والوقوع في الفساد الذي ظهر في البر والبحر والذي يتولى كبره أهل الفسق والترف في كل بلد فكان هذا الواقع المشئوم المأزوم هو النتيجة والثمرة قال الله جل وعلا: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ .
    إذا كثر أهل الفساد وغلبوا وقل أهل الدين والصلاح وفُقدوا فعند ذلك يعاقب الله الخلق ويشتد عليهم البلاء وتعظم المحن حتى يمن الله عليهم بالتوبة والرحمة فيرجعوا إلى ربهم وخالقهم أو يأخذهم أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد.
    لقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنواع من الفتن والمحن التي ستصيب الأمة وتعصف بها مع ذكر أسبابها وكيفية التعامل معها والوقاية منها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا».
    وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح، ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ يا رسول الله؟ قال: القتل .
    وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعاً يقول: «سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الخزائن وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات- يريد أزواجه لكي يصلين- رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة».
    وجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أصحابه فقال لهم: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتن فيرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول: هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر».
    وعن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى يصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه».
    ولأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان من سلف الأمة مخارج وطرائق لتجاوز الفتن ومواجهة المحن وهو برنامج عملي وخطة طوارئ لإنقاذ الأمة من أزماتها والخروج بها إلى الأمن والعافية وإلى الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة وما علينا ونحن نعيش فتناً ومحناً متعددة إلا أن نقتفي أثرهم ونسير على نهجهم، ومن معالم وملامح منهجهم الذي اختطوه وساروا عليه:
    أولاً: الاعتصام بالكتاب والسنة إذ أن من تمسك بهما أنجاه الله من كل كرب ومن دعا إليهما فقد هدي إلى صراط مستقيم، قال تعالى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقوا﴾ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أني قد خلفت فيكم ما لن تضلوا بعدهما ما أخذتم بهما أو عملتم بهما كتاب الله وسنتي» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فإنه من يعيش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً».
    وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إنها ستكون فتنة. فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم …من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم».
    فالمسلمون اليوم على مفترق طرق … بينها طريق واحد ووحيد قاصد يؤدي إلى النجاة وإلى القوة والعزة والفوز والنجاة إنه طريق القرآن والسنة والاعتصام بهما: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾
    ثانياً: الالتفاف حول العلماء الربانيين فالرجوع إليهم والالتفاف حولهم سيما عند اشتداد المحن وتكاثر الفتن عامل معين على التثبت والثبات وعدم الوقوع في الزيغ والانحراف إذ هم المكلفون من قبل الله تعالى ببيان الحق من الباطل والهدى من الضلال والخير من الشر، وهم وراث رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم والهدى والنور.
    فلابد من الالتفاف حولهم بحضور مجالسهم العلمية وحلقات الذكر والإيمان وزيارتهم والتواصل معهم باستمرار حتى لا يجد أعداء الإسلام فرصة أو فجوة يستطيعون الدخول من خلالها للحيلولة بين الأمة وعلمائها، وقد حدثت في التاريخ الإسلامي فتن ومصائب كثيرة ثبت الله فيها المسلمين بعلمائهم فقد ثبت الله المسلمين وأعز الدين بأبي بكر الصديق يوم الردة، وبأحمد بن حنبل يوم المحنة، وبنور الدين، وصلاح الدين، وقطز، والعز بن عبد السلام، وابن تيمية، وغيرهم ممن لا يحصون، فالتفتت الأمة بعد تخاذلها واجتمعت بعد تفرقها ونهضت بعد كبوتها واستأنفت طريقها.
    ثالثاً: ومن معالم المنهج الرباني الذي رسمه القرآن وبينه الرسول عليه الصلاة والسلام وسار عليه الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان لزوم جماعة المسلمين والحرص على وحدتهم وتلاحمهم؛ ليكونوا كالبنيان المرصوص كما قال الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقوا﴾ ويقول عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة» ويقول صلى الله عليه وسلم: «الجماعة رحمة والفرقة عذاب».
    فالمخرج عند حدوث الفتن والحوادث لزوم جماعة المسلمين السائرين على منهج الكتاب والسنة المقتدين بنبيهم.
    أيها الأخوة والأخوات :
    إن الأمة الإسلامية وهي تواجه تحديات خطيرة قد تداعت عليها الأمم وأحاطت بها لا يمكن لها أن تصمد أمام أعدائها المتربصين بها إلا إذا عبدت ربها ووحدت صفها وجمعت شملها واعتصمت بدينها وواجهت أعداءها صفاً واحداً لا خلل فيه ولا اعوجاج كما قال ربنا جل في علاه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ ملتصق بعضه ببعض متماسك أشد التماسك، وفي الحديث الصحيح: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا»
    رابعاً: ومن معالم الخروج من الفتن التسلح بالعلم الشرعي إذ هو الحياة والنور للأفراد والجماعات يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يتقارب الزمان، ويقبض العلم وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ يا رسول الله؟ قال: القتل».
    وقال عليه الصلاة والسلام: «إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل».
    فالعلم الشرعي مطلب مهم في مواجهة الفتن حتى يكون المسلم على بصيرة من أمر دينه وإذا فقد المسلم العلم الشرعي تخبط في هذه الفتن.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “إذا انقطع عن الناس نور النبوة وقعوا في ظلمة الفتن وحدثت البدع والفجور ووقع الشر بينهم وذاق بعضهم بأس بعض”.
    خامساً: ومن معالم المنهج الحق عند حدوث الفتن: التأني والرفق والحلم وعدم العجلة وذلك محمود كله؛ لأنه يمكِّن المسلم من رؤية الأشياء على حقيقتها وأن يبصر الأمور على ما هي عليه، فعلينا جميعاً بالرفق في الأفكار والمواقف وفي كل ما يجد من الحوادث وعدم العجلة فإنها ليست من منهج الأمة الإسلامية الراشدة وخاصة في زمن الفتن.
    قال المستورد القرشي رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقوم الساعة والروم أكثر الناس، قال فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال ما هذه الأحاديث التي تذكر عنك أنك تقولها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال له المستورد قلت الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال عمرو لئن قلت ذلك إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأجبر الناس عند مصيبة، وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم».
    قال أهل العلم: كلام عمرو بن العاص لا يدل على ثنائه على الروم ولكن ليبين للمسلمين أن بقاء الروم لأنهم عند الفتن يظهر فيهم من الحلم الذي يجعلهم ينظرون إلى الأمور ويعالجونها، بغير نزق أو طيش كما يفعل الآخرون، ولأن حياتهم السياسية مستقرة فالرعايا لا تظلم من قبل الحكام كما هو حال المسلمين إذ يحكمون بالقهر والظلم والتسلط والاستبداد.
    والواقع يشهد على استقرار أوضاع الروم فيما بينهم واضطراب أحوال المسلمين فالقتل والتشريد والمطاردة هي السمة اللازمة لهم.
    أيها السادة إنه ينبغي لنا في خضم الفتن والمصائب والمحن أن لا يفارقنا هدوؤنا وسكينتنا ومروآتنا، فذلك دأب المؤمن الحق، الذي لا تبطره النعمة ولا تقنطه المصيبة ولا يفقد صوابه عند النوازل ولا يتعدى حدود الشرع في أي شأن من الشئون ويتأكد هذا في حق من كان رأساً مطاعاً في العلم أو المكانة والقدر؛ لأن لسان حال مَنْ هُم تحت ولايته والمتأثرين به
    يقول:
    اصبر نكن بك صابرين فإنما *** صبر الفتى عند صبر الرأس
    إن هذه الأخلاق العالية كانت من صفات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهذا كعب بن زهير يقول في وصفهم:
    لا يفرحون إذا نالت رماحهم *** قوماً وليسوا مجازيعاً إذا نيلوا
    يمدحهم بأنهم لا يفرحون من نيلهم عدواً، فتلك عادتهم ولا يحزنون إذا نالهم العدو؛ لأن عادتهم الصبر والثبات.
    وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي وهو من خيار المجاهدين من التابعين:
    قد عشت في الدهر أطواراً على طرق *** شتى فصادفت منها اللين والبشعا
    كُلاً بلوت فلا النعماءُ تبطرني *** ولا تخشعت من لأوائها جزعاً
    لا يملأ الهولُ قلبي قبل وقعته *** ولا أضيق به ذرعاً إذا وقعا
    هذه الخصال يمتثلها ويتحلى بها عظماء الرجال فلم يتخلوا عن مروآتهم ورباطة جأشهم وعاداتهم النبيلة حتى وهم في أحلك المواقف والظروف ولاشك أن سيد العظماء هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أصحابه الكرام وفي مقدمتهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، فإذا لزم المرء السكينة والهدوء، فلم يخف في السراء ولم يتضعضع حال الضراء فأحرى به أن يعلو قدره ويتناهى سؤدده وأن تنال الأمة من خيره وتستفيد من سمته وصبره ما يدفعها إلى الشجاعة والثبات وتبني المواقف الصائبة السديدة.
    ومن معالم منهج الخلاص والمخرج من الورطات التوبة الصادقة النصوح، فهي واجبة في كل وقت، وهي في هذه الأوقات العصيبة أوجب وآكد قال تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ .
    ولنا في قصة قوم يونس عليه السلام عبرة وموعظة، فهم لما رأوا نذر العذاب قد بدأت تلوح لجأوا إلى الله، وتضرعوا إليه، فرفع الله عنهم العذاب ومتعهم بالحياة إلى حين مماتهم وانقضاء آجالهم.
    فعلى الأمة أن تتوب وأن تدرك أن ما أصابها إنما هو جار على مقتضى سنن الله تعالى التي لا تحابي أحداً كائناً من كان، فتتوب من المنكرات التي أشاعتها، من نسيان لربها وإشراك به، والحكم بغير ما أنزل الله والتحاكم إلى الطاغوت وتعظيمها لغيره، والتقصير في الدعوة إلى دين الله والدفاع عنه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى الأمة أن تتوب من المظالم والربا والرشوة والسحت والفسق والمجون، والإسراف والترف والاستكبار وقطع الأرحام وغير ذلك من الذنوب والمعاصي التي هي مؤذنة باللعنة وحلول العقوبات.
    وعلى كل فرد منا أن ينظر في حاله مع ربه، وفي جميع شئونه ومعاملاته لأن الله يقول: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ .
    إن إقامة الدين وحمايته مسئولية كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله كل بحسب جهده وطاقته، وإننا مفرطون ومقصرون في هذا الجانب.
    لقد خذلنا ديننا واكتفينا بمواقف المتفرجين ونحن نرى الأعداء يحاربون الدين ويمنعون من تعلمه وتعليمه ويغيرون المناهج ويلغون معاهد العلم الشرعي ومدارس تحفيظ القرآن ويفرضون سياسات ترمي إلى تجهيل الأجيال بدينهم وسلخهم عن تاريخهم وفرض المناهج العلمانية اللادينية التي تتبناها قوى الغرب الصليبي وتفرضها على الحكام وهم بدورهم يسارعون فيهم ويُغضِبون ربهم ويخذلون أمتهم، يتم هذا وغيره والناس ساكتون كأن الأمر لا يعنيهم يغضبون لبطونهم ولا يغضبون لربهم ودينهم.
    إن الله تعالى يعاقبنا بسبب تفريطنا وخذلاننا لديننا فهلا من توبة صادقة ورجوع إلى الله والعمل الجاد من أجل نصرة دينه ورفع كلمته وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، فذلك من أوثق عرى الإيمان … ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
    أسأل ربى أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا ويأخذ بنواصينا للبر والتقوى ويجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل عسر يسرا ومن كل بلاء عافية.


    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: سبل النجاة من الفتن !! Rating: 5 Reviewed By: alsharq alaraby
    Scroll to Top