ما أجمل أن ينظر المرء منا إلى الأشياء الحسنة من حوله، وأن يعيد صورها الإيجابية، لا أن يتربص السلبيات من حوله، ويرسم صور قائمة تبعث الإحباط وتخيب الآمال. إن الحضارات الإنسانية لا يمكن لها أن تبنى بمجرد الأمانى المجردة ولا بإفراد الصفحات لرصد السلبيات، وإلا أصبحت الأفق مظلمة أمام الأجيال القادمة المتطلعة إلى غد مشرق. لا أخفيكم سرا عندما أمسكت بقلمى للوهلة الأولى، أجدنى غير متحير فيما أكتبه، لأن ما سأكتب عنه هو حدث فريد بكل المقاييس. فلقد سررت كثيرا كغيرى من أبناء هذا الوطن المخلصين من أبناء محافظة كفر الشيخ، بأن تشهد بلادى وهى تعتبر متعثرة مرحلة البناء والإنجاز والإعمار، هذه الطفرة النوعية من التميز، فعلى أرض محافظة كفر الشيخ الحبيبة التى أتفاخر بكونى أحد أبنائها سيخرج للوجود وبعد أيام قلائل بمشيئة الله تعالى إنجاز إنشاء مستشفى كفر الشيخ الجامعى، وهو إنجاز أقل ما يقال عنه بلغة الإنجازات أنه إنجاز فى عالم الخدمات الطبية. ففى الوقت الذى سيخرج فيه هذا المقال للنور هناك أناس سبقوا الزمن، طووا الليل بالنهار لوضع اللمسات الأخيرة لافتتاح مستشفى كفر الشيخ الجامعى، وحسب ما طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة فإن اجتماعا ضم الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى، والمهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، والذى أشاد بدوره لما قطعه مشوار العمل بالجامعة وبالمستشفى الجامعى خصيصا واستعرضا سويا الخطوات التى قطعتها الوزارة لتهيئة هذا الصرح البحثى والمرفق الطبى العملاق والذى من المتوقع أن يستوعب خدماته شريحة كبيرة من أبناء المحافظة إضافة إلى المحافظات المجاورة. ونقل السيد وزير التعليم العالى لمعالى رئيس الوزراء تطلعات ومطالب العقل المدبر والأب الروحى لهذا الصرح الدكتور ماجد القمرى، رئيس جامعة كفر الشيخ، الذى ناضل من أجل بنائها لدعم هذا الإنجاز المنتظر بقيمة التجهيزات والمستلزمات من المعدات والأجهزة والكوادر الطبية العاملة والموارد البشرية من طواقم الأطباء والممرضين وغيرهم، حتى يصبح بالإمكان المسارعة فى تحقيق هذا الحلم الكبير والذى من المنتظر أن يكون حدث الافتتاح التجريبى له مع بداية شهر مايو القادم، على أن يفتح أبوابه أمام جمهور المراجعين مطلع يوليو المقبل. وهكذا وبالنظر إلى ما سيوفره هذا الصرح الطبى الكبير من جهود طبية وخدمات علاجية عبرت عنها التكلفة الإجمالية التى بلغت حتى الآن 230 مليون جنيه، ومن المنتظر أن تصل نهايتها إلى 300 مليون جنيه فإن المتحقق على أرض الواقع يستحق الإشادة وجهد مشكور جدير بأن تعلق على مثله الآمال، فالمستشفى يضم بين جنباتها بطاقة استيعابية تصل إلى 400 سرير مجهز بأحدث الوسائل إلى جانب 13 غرفة عمليات بأجهزتها المتطورة بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا صناعة الأجهزة الطبية فى العالم إلى جانب 63 غرفة رعاية مركزة لا يوجد مثيلها فى الشرق الأوسط. إن هذا المنجز الحضارى الكبير ليبعث فينا مظاهر الفخر والاعتزاز، ويقوى فى نفوسنا الشعور المحفز لروحنا، ويؤكد عن جدارة عزيمة الإنسان المصرى الأصيل عندما يريد، والذى يخلق من الحلم واقعا وينبت من الفكرة واقعا يلامس النجوم، ويسخر من الإمكانيات البسيطة والقدرات الضئيلة نهضة طبية وبحثية، تكون لنا وللأجيال القادمة مستقبلا زاهرا. ما أحوج مصرنا وهى على أعتاب مرحلة فارقة من تاريخها المعاصر إلى مثل هذه الروح الوثابة التى تستوعب العصر وإلى مثل هؤلاء الرجال صانعى المستحيل. فتحية شكر وتقدير للسيد الفاضل رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء والسيد وزير التعليم العالى وتحية شكر وتقدير وعرفان لأبناء محافظة كفر الشيخ المخلصين وفكر وجهد قيادة الجامعة، وعلى رأسهم معالى السيد الدكتور ماجد القمرى رئيس الجامعة، الذى ناضل من أجل إنشائها التى ستكون سبب فى نقلة نوعية غير عادية تضع المحافظة بشكل كبير على خريطة اهتمامات القيادة السياسية.
