بقلم/ عمرو ابوسمرة
رغم بلوغي العقد السادس من عمري ولكنني والحمد لله لا زلت قادرا علي العطاء في مهنة شاقة ومرهقة نفسيا وجسديا...ست وثلاثون عاما قضيتها في غرف العمليات لكي اخدر عجوزا يعاني من آلام مبرحة في بطنة نتيجة لانسداد معوي أو فتقا اختنق فجأة في ساعات الليل البهيم...أو اخدر امرأة تعاني من تعسر في المخاض وقرر طبيب النسا انقاذا للمرأة وجنينها أن يستخرج طفلها سريعا بعملية قيصرية أو اخدر امرأة تعاني من نزيف ماقبل الولادة يهدد حياتها وحياة وليدها ..أو اخدر سيدة تعاني من انفجار في الرحم اثناء الولادة وتعاني من صدمة شديدة نتيجة لهذا الانفجار القدري...أو اخدر طفلا حاباة الله بعيب خلقي وقرر طبيب جراحة الأطفال إصلاح هذا العيب ليعيش طبيعيا وسط اقرانة....او اخدر شابا طعنة موتور بسكين أو طلق ناري في سويداء القلب وسبب لة صدمة تهدد حياتة نتيجة لفقد كمية كبيرة من دماءة ....... أو اخدر طفلا تركتة أمة في إهمال واضح لكي يبتلع عملة معدنية سدت مجراة التنفسي مهددة حياتة........ لم اشتك يوما من إرهاق أو تعب او معاناة من نظرة مجتمعية لاتعطيني حقي كطبيب وكان يكفيني دعوة مريض بعد أن زالت ألامة ....لم اشتك يوما طوال الخمسة عشر عاما الأخيرة عندما قررت بكل نفس راضية أن أعمل فقط في المستشفي العام بكفر الشيخ دون التربح من مهنتي اكتفاءا بالقروش القليلة التي تعطيني إياها وزارة الصحة كراتب...
لم اكن اتمني أن اتخذ هذا القرار الصعب علي نفسي لأنني اعشق مهنتي .... ف أنا اجد نفسي وانا بغرفة العمليات لتخدير مريض....
ولكن ...نظرا للظروف الصعبة والنظرة المجتمعية المستحدثة لتعميم الجشع والانتهازية لكل الأطباء ورأي عام يساندة للأسف بعض الإعلاميين وخلط شديد بين القدرية والاهمال الطبي ورفض مجتمعي شامل لأي نتيجة غير الشفاء لأي مريض مهما كانت حالتة الصحية قبل إجراء العملية الجراحية... وتحميل الأطباء مالا يطيق من قبل المجتمع ووزارة الصحة.....ويكفيني فقط أن تتلمذ علي يداي كتيبة رائعة من أطباء التخدير في جميع انحاء محافظة كفر الشيخ...بارك الله فيهم ووفقهم وسدد خطاهم وحماهم الله من كل زيف وكل خلط مجتمعي يسبب لهم معاناة تضاف الي معاناتهم في عملهم...
لذا كان قراري وكلي اسف باعتزال مهنة التخدير تماما والاكتفاء بما قدمتة طوال تلك السنوات...
اقدم اعتذاري لإدارة واطباء مستشفي العبور للتأمين الصحي وكنت وعدتهم بالتعاقد للعمل بالمستشفي لسد عجز شديد لديهم في أطباء التخدير....كفانا الله وإياكم شر المرض واللهم انت الشافي ..
