بوابة اهل الفن
فى ليله هادئة فى صَّيف عام 1923كان الشيخ سيّد درويش فى راس البر بعانى من حزن شديد لفُراقِ حَبيبته «جَليلة»، ووفاة أخته العزيزه على قلبه .
...
لاحط صاحب الفُندق الذي سَكَنَ فيه الشيخ سيد مدى الحزن والهم على وَجْه الشبخ ، ذهبَ إليه مُحاولاً التَّهوين عليه ، فأخبره
أن فتاة ريفية صَغيرة، لَم يَسْمَع أجمَل من صوتِها صوتاً، ستغُنّي الليلة في صالة الفُندق، وربما يأنس قليلاً إن قرر المَجِيء في آخرِ اللَّيل.
....
استمع الشيخ للفتاه أم كلثوم و التى لا يعرف اسمها
تُغَنّي أنشودَة «مَوْلاي كُتِبَت رَحمة النَّاس عَلَيْكَ» شَعَر بالرَّعْشَةِ في جَسِده، حتى إذ أكْمَلَت بقولها «فَضلاً وكَرماً» فأحس وكأن رُوحه أُفْرِغَت من كُلّ هَم.
...
مالِك الفُندق كان يراقبه، ورأى الوَجْد في مَلامِحه، فذهبَ إلى الفتاة وهَمَسَ إليها بأن «سيد دَرويش» هُنا، وسيكون من الافضل أن تُغَنّي شيئاً من ألحانِه
ارتبكت. أم كلثوم. شَعرت كم أن تِلكَ لَحْظَةً مُهيبة، حيث الرَّجُل الذي تَعتبره أهم مُلَحّني مِصر -إلى جانِب شَيخها «أبو العلا محمد»- يَجْلِسُ هنا ويَستمع إليها.
استحضرت الصَّغيرة كل ما تملكه من بأسٍ، وبدأت تُغنّي «والله تستاهل يا قلبي»، أحد أحْزَن وأثْقَل ما لَحَّنه «درويش البحر»،
...
فوجِئَ الشَّيخ وانْدَهَش، ثم استمع مُنْغَمِسَاً، وحين انتهت.. صَفَّق كَثيراً، ذَهَبَ إليها، ورَبَتَ على رأسِها، وسأل عن اسمها فأجابَته.
....ز
وما لم يَلحظه أحد في تِلك الليلة أن الشَّيخ قد رآها «تَكمل النَّغم بكُلّ وجدانها» فـ «لا تُغنّي اللَّحن ولكن تَعِيشه وتحياه»، ولذلك فقد «رأى نَفسه في صوتها» وشعر أنه «يعيش من جديد لحظات تَلحين الأغنية وتسجيلها»..
.....
وحين أباحَ بكل ذلك لصديقه «علي حَمَّاد»،وقال له ن «هذه الفتاة، أم كلثوم، سيكون لها شأناً كبيراً في يومٍ من الأيام».
...
ما ت الشَّيخ سيد ، بعدها بأقلِ من شهرين، ولم يَرَ «أم كلثوم» وهي تُغَنّي في القاهرة للمرةِ الأولى، ليلة وفاته كما تقول بعض المصادر، فلا يَنْقطع صوتها عَن المدينة بعد ذلك أبداً، وحتى الان
....
كم كنت عظيمه يا مصر بفنك الراقى وابناءك المبدعين
