كتب/ أيمن بحر
الإجابة على هذا السؤال تثير الكثير من الجدل والنقاش في الحقلين الأكاديمي والسياسي، فمن ناحية .. يمكن القول أن السياسة تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد، وأن الحكومات والمؤسسات السياسية تحدد السياسات والإجراءات التي تتخذها لتحقيق أهدافها الاقتصادية، وبالتالي .. يمكن القول إن السياسة تحكُم الاقتصاد.
ومن ناحية أخرى .. يمكن القول أن الاقتصاد يؤثر على القرارات السياسة بدرجة ما، حيث أن الأحداث الاقتصادية والتغيرات في سوق العمل والتجارة والتضخم يمكن أن تؤثر على قرارات الحكومات والمؤسسات السياسية. وبذلك، يمكن القول إن الاقتصاد يقود السياسة.
بشكل عام، فإن الأمر يعتمد على الظروف والسياق المحلي والعالمي، ولا يمكن الجزم بأن السياسة تحكُم الاقتصاد أو أن الاقتصاد يقود السياسة في كل الأحوال.
حيث أن الاقتصاد هو دراسة كيفية إدارة الموارد المحدودة لتلبية الاحتياجات والرغبات البشرية. ودراسة الإنتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك للسلع والخدمات، ويشمل أيضًا العديد من المجالات الفرعية مثل اقتصاد الشركات والتمويل والاقتصاد الدولي والتنمية الاقتصادية وغيرها.
وأن الاقتصاد السياسي هو فرع الاقتصاد الذى يدرس التفاعل بين العوامل الاقتصادية والسياسية في المجتمع، ويهتم بدراسة كيفية تأثير السياسات الحكومية والانظمة السياسية على النظام الاقتصادي والعكس صحيح، كما يدرس التفاعل بين القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ويشمل أيضًا دراسة العلاقة بين الدول والمؤسسات المالية والمنظمات الدولية والشركات الكبرى والتأثيرات التي يمكن أن تحدثها القرارات السياسية على الاقتصاد العالمي، وتأثير السياسات الاقتصادية على الفقر والتمييز والتوزيع العادل للثروة، وأثر الابتكار التكنولوجي على الاقتصاد والعمل وغيرها من الموضوعات، كما يدرس أيضًا تأثير الثقافة والفكر والقيم على النظام الاقتصادي.
أما السياسة فهي عملية صنع القرارات التي تتعلق بتنظيم المجتمع وتوجيهه وإدارته، وتشمل السياسة تحديد الأهداف والأولويات ووضع الخطط والبرامج التي تسعى إلى تحقيق هذه الأهداف، كما تشمل أيضًا تحديد السياسات العامة والقوانين واللوائح التي تحكم سلوك المواطنين والمؤسسات في المجتمع، ويمكن القول إن السياسة تشمل أيضًا تحليل الوضع الراهن والتنبؤ بالتحديات المستقبلية وتطوير استراتيجيات للتعامل معها، وتحديد الأولويات في توزيع الموارد والخدمات العامة، وتحديد السياسات الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون الدولي.
فالعلاقة بين السياسة والاقتصاد هي علاقة وثيقة بين القرارات السياسية التي تتخذها الحكومات وتأثيرها على النظام الاقتصادي في الدولة. فعلى سبيل المثال، يمكن للحكومة أن تتخذ قرارات تؤثر على الضرائب والإنفاق العام، وهذا يمكن أن يؤثر على الاستثمارات والأعمال في الدولة، كما يمكنها أيضًا تحديد السياسات التجارية والتي قد تؤثر على التجارة الدولية وتبادل الموارد والسلع، وبذلك تساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية في الدولة وفي نفس الوقت يمكن أن تؤثر على أسواق العمل والأعمال،
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومات أيضًا تحديد السياسات النقدية والتي تؤثر على قيمة العملة ومعدلات الفائدة، وهذا يمكن أن يؤثر على التضخم والنمو الاقتصادي في الدولة، ومن ناحية أخرى، يمكن للشركات والأفراد أيضًا أن يؤثروا على السياسات الحكومية من خلال التأثير على عمليات الانتخابات والضغط السياسي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في السياسات الحكومية التي تؤثر على الاقتصاد.
ومع ذلك .. يجب أن يتم التعامل مع هذه العلاقة بحذر لأنه يمكن أن يؤدي أي تدخلات زائدة من الحكومة في الاقتصاد إلى تشويش في الأسواق أو تقليل المرونة في النظام الاقتصادي. لذلك، يجب على الحكومات أن تتخذ القرارات بحذر وبعناية لضمان استقرار النظام الاقتصادي في دولها.
أيضا يمكن أن تؤثر العلاقة بين السياسة والاقتصاد على العديد من المجالات الأخرى أيضا، مثل التوظيف والتعليم والصحة وغيرها، فعلى سبيل المثال.. يمكن للحكومات أن تتخذ سياسات لدعم التعليم والتدريب الفني والمهني، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة فرص العمل وتحسين مستوى الدخل في الدولة، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومات أيضًا تحديد السياسات الصحية والتي يمكن أن تؤثر على جودة الحياة والإنتاجية في المجتمع، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحسين الظروف المعيشية وزيادة التنافسية في السوق.
بشكل عام، فإن العلاقة بين السياسة والاقتصاد تُعد علاقة متبادلة ومتشابكة، حيث يؤثر كل منهما على الآخر في مجالات مختلفة من الحياة الاجتماعية والاقتصادية، و .. لا يمكن فصل القرارات السياسية عن تأثيرها على النظام الاقتصادي، وبالعكس .. لا يمكن فصل العوامل الاقتصادية عن تأثيرها على صنع القرارات السياسية.
