كتب/ أيمن بحر
السفر عبر الزمن هو مفهوم يتمثل في الانتقال بين نقاط زمنية مختلفة في الزمان بطريقة مماثلة إلى التنقل بين نقاط مكانية مختلفة في المكان. إن السفر عبر الزمن هو مفهوم معترف به في فلسفة المكان والزمان، والسفر عبر الزمن يعتبر من الخيال، ولكن السفر إلى نقطة افتراضية في الوقت لديه دعم محدود جدًا في علم الفيزياء النظرية، تستند كثيراً إلى الفكر العلمي حول نظرية النسبية الخاصة والعامة وبالتزامن مع ميكانيكا الكم في السفر عبر الزمن أو جسر أينشتاين روزين.
يمثل السفر عبر الزمن وتصورها الفعلي أهمية كبيرة بالنسبة للإنسان، حيث تمتد رؤية الناس للسفر عبر الزمن منذ قديم الزمان وكانت تبنى على معتقدات دينية أو فلسفية.
ولا يزال السفر عبر الزمن فكرة فلسفية قبل أن تكون فكرة علمية، وبقيت تُطارد البشر عبر العصور، والموضوع ظهر في حياة البشرية عن طريق عدد من الروايات والأساطير وحتى أفلام السينما. يستمر هذا الموضوع في محاولة استكشاف العديد من الأسئلة حول طبيعة الزمن وكيفية التعامل معه. وظلت واحدة من أهم الأفكار الثقافية والترفيهية على حد سواء، معبرة عن رغبتنا في تحقيق المستحيل واكتشاف حركية الزمن.
اما بالنسبة للمصريين القدماء، كان لحركية الزمن قيمة هائلة، وكانوا يتخذون إجراءات للحفاظ على التنسيق الزمني بتقاسم خطوط الطول والدائرة الاستوائية عند اختلاف العام الشمسي، وذلك للتأكد من أن المواعيد الشهرية للتقويم بمثابة دقائق دقيقة. وكانت المحاولة الأساسية للمصريين القدماء في التنسيق الزمني هي توحيد الأشهر القمرية والأعوام الشمسية حتى يتم لفت النظر إلى مدى تميزهم في الفكر العلمي.
تساعد هذه الإجراءات على تحري الوقت وتحديد التمييزات بين العمليات الزمنية، وذلك لتسهيل التنظيم في تنظيم الأحداث التي يريدون تعقبها وحسبها عبر العصور. ويلتزم المصريون القدماء بروابط تاريخية محددة، لاكتشاف روح مدينتهم وجمال ثقافتهم وشغفهم بالاكتشاف.
يتضمن الجدول الزمني الذي تتبعه المصريين القدماء تواريخ صحيحة، كما أنهم تحدثوا عن مرئيات جديدة للغاية، وأخذوا بعين الاعتبار أن العام الشمسي يتطلب إضافة نحو ٦ ساعات إلى خط الطول الشرقي كل عام.
وبهذا المعنى، كان لدى المصريين القدماء فكرة واضحة للغاية عن الوطن وتنسيق الزمني المرتبط به وكيف يمكن استخدام التقنية الرياضية والفلسفية للتوافق بين التقاويم المختلفة، والاعتماد على تقنية الأرقام ومتعاقبة الأحداث في الفهم الموسع للتأريخ، حيث امتزجت أفكارهم الابداعية والنظريات العلمية والمظاهر الدينية؛ مثل في كتاب الموتي ان الروح تتكون من ٩ اجزاء: الجسد المادي (خات)، الجسد الروحي (ساحو)، الاسم (رِن)، الشخصية (با)، القرين (كا)، القلب (إيب)، الظل (شُوت)، القوة (سيخيم)، الهالة (خيبيت) وأخيراً الجزء الخالد (آخ).
على سبيل المثال، تخيل توت عنخ آمون الذي سافر بكنوزه من الماضي للحاضر والعثور على نص يفيد بأن زعماء المستقبل قادمون بالفعل ويريدون ترميم الماضي، وكان هذا نذير خطير بأن هناك عدو يريد تحطيم نظام توت عنخ آمون. وقد يكون باستخدام متعلقات توت عنخ امون الشخصية للتأثير عليه وقرينه (الكا) في الماضي عن طريق السحر والله اعلم.
مع ذلك، لا يزال الكثير من الأسرار التي تحيط بفكرة المصريين القدماء للسفر عبر الزمن وكيفية تمثيل هذه الفكرة في فنون مصر القديمة والتلميحات من خلال رموز أو رسومات جدارية. ويستمر العلماء في السعي لفهم فكرة ربط المصريين القدماء بالسفر عبر الزمن، وكيفية تمثيل هذا في فنون المصريين القدماء، وقد يعني ذلك الإشارة إلى القدرة على رؤية المستقبل والماضي معاً، أو إشارة إلى جمال النسيج وإنفصالات الزمن المختلفة.
وفي النهاية، سواء كنت تتابع التاريخ القديم أو تغوص في عالم التنسيق الزمني، يظل السفر عبر الزمن هو فكرة ملهمة تستحق الاهتمام والاستكشاف. ويظل المؤثر الأساسي بفهمنا لحضارة مصر القديم هو مدى الحكمة التي نستخرجها عن طريق رؤية المستقبل والماضي معاً، والتي تساعدنا في فهم أعمق وأكثر شمولية لأساسيات هندسة النظم الاجتماعية.
